ﻗﺼﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ بقلم مامون العطار

ﻗﺼﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ
ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻷﻳﺎﻡ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻴﻊ ﺍﻟﺴﻠﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﻟﻴﺪﻓﻊ ﺛﻤﻦ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ، ﻗﺪ ﻭﺟﺪ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﺳﻮﻯ ﻋﺸﺮﺓ ﺳﻨﺘﺎﺕ ﻻ ﺗﻜﻔﻲ ﻟﺴﺪ ﺟﻮﻋﻪ، ﻟﺬﺍ ﻗﺮﺭ ﺃﻥ ﻳﻄﻠﺐ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻣﻦ ﺃﻭﻝ ﻣﻨﺰﻝ ﻳﻤﺮ ﻋﻠﻴﻪ،
...... ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﺎﻟﻚ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﻴﻦ ﻓﺘﺤﺖ ﻟﻪ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺷﺎﺑﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻭﺟﻤﻴﻠﺔ، ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻄﻠﺐ ﻭﺟﺒﺔ ﻃﻌﺎﻡ، ﻃﻠﺐ ﺃﻥ ﻳﺸﺮﺏ ﺍﻟﻤﺎﺀ .
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﻌﺮﺕ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﺑﺄﻧﻪ ﺟﺎﺋﻊ،ﺃﺣﻀﺮﺕ ... ﻟﻪ ﻛﺄﺳﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺒﻦ، ﻓﺸﺮﺑﻪ ﺑﺒﻂﺀ ﻭﺳﺄﻟﻬﺎ : ﺑﻜﻢ ﺃﺩﻳﻦ ﻟﻚ؟
ﻓﺄﺟﺎﺑﺘﻪ :" ﻻﺗﺪﻳﻦ ﻟﻲ ﺑﺸﻲﺀ ... ﻟﻘﺪ ﻋﻠﻤﺘﻨﺎ ﺃﻣﻨﺎ ﺃﻥ ﻻ ﻧﻘﺒﻞ ﺛﻤﻨﺎ ﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ ".
ﻓﻘﺎﻝ :" ﺃﺷﻜﺮﻙ ﺇﺫﺍ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﻗﻠﺒﻲ " ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻏﺎﺩﺭ ﻫﻮﺍﺭﺩ ﻛﻴﻠﻲ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ، ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﺑﺼﺤﺔ ﺟﻴﺪﺓ ﻓﻘﻂ، ﺑﻞ ﺃﻥ ﺇﻳﻤﺎﻧﻪ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻗﺪ ﺇﺯﺩﺍﺩ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺎﺋﺴﺎ ﻭﻣﺤﺒﻄﺎ .
ﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮﺍﺕ، ﺗﻌﺮﺿﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﺎﺑﺔ ﻟﻤﺮﺽ ﺧﻄﻴﺮ، ﻣﻤﺎ ﺃﺭﺑﻚ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﻴﻦ، ﻓﺄﺭﺳﻠﻮﻫﺎ ﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﺣﻴﺚ ﺗﻢ ﺇﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﻴﻦ ﻟﻔﺤﺺ ﻣﺮﺿﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭ، ﻭﻗﺪ ﺃﺳﺘﺪﻋﻲ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻫﻮﺍﺭﺩ ﻛﻴﻠﻲ ﻟﻺﺳﺘﺸﺎﺭﺓ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ،
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻤﻊ ﺇﺳﻢ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ، ﻟﻤﻌﺖ ﻋﻴﻨﺎﻩ ﺑﺸﻜﻞ ﻏﺮﻳﺐ، ﻭﺇﻧﺘﻔﺾ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻋﺎﺑﺮﺍ ﺍﻟﻤﺒﻨﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺳﻔﻞ ﺣﻴﺚ ﻏﺮﻓﺘﻬﺎ، ﻭﻫﻮ ﻣﺮﺗﺪﻳﺎ ﺍﻟﺰﻱ ﺍﻟﻄﺒﻲ، ﻟﺮﺅﻳﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺮﻳﻀﺔ، ﻭﻋﺮﻓﻬﺎ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺃﻥ ﺭﺁﻫﺎ،
ﻓﻘﻔﻞ ﻋﺎﺋﺪﺍ ﺇﻟﻰ ﻏﺮﻓﺔ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ، ﻋﺎﻗﺪﺍ ﺍﻟﻌﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﻪ ﻹﻧﻘﺎﺫ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ، ﻭﻣﻨﺬ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﺑﺪﻯ ﺇﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﺤﺎﻟﺘﻬﺎ .
ﻭﺑﻌﺪ ﺻﺮﺍﻉ ﻃﻮﻳﻞ، ﺗﻤﺖ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﻤﻞ ﻭﺟﻪ، ﻭﻃﻠﺐ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻛﻴﻠﻲ ﺍﻟﻔﺎﺗﻮﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺘﺒﻪ ﻛﻲ ﻳﻌﺘﻤﺪﻫﺎ، ﻓﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻛﺘﺐ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺷﻴﺘﻬﺎ ﻭﺃﺭﺳﻠﻬﺎ ﻟﻐﺮﻓﺔ ﺍﻟﻤﺮﻳﻀﺔ .
ﻛﺎﻧﺖ ﺧﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﻓﺘﺤﻬﺎ، ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻧﻬﺎ ﺳﺘﻤﻀﻲ ﺑﻘﻴﺔ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﺗﺴﺪﺩ ﻓﻲ ﺛﻤﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺎﺗﻮﺭﺓ، ﺃﺧﻴﺮﺍ ... ﻧﻈﺮﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﻭﺃﺛﺎﺭ ﺇﻧﺘﺒﺎﻫﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺪﻭﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﺷﻴﺔ، ﻓﻘﺮﺃﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ :
" ﻣﺪﻓﻮﻋﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﺑﻜﺄﺱ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺒﻦ "
ﺍﻟﺘﻮﻗﻴﻊ : ﺩ . ﻫﻮﺍﺭﺩ ﻛﻴﻠﻲ
ﺇﻏﺮﻭﺭﻗﺖ ﻋﻴﻨﺎﻫﺎ ﺑﺪﻣﻮﻉ ﺍﻟﻔﺮﺡ، ﻭﺻﻠﻰ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺮﻭﺭ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ :
" ﺷﻜﺮﺍ ﻟﻚ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ، ﻋﻠﻰ ﻓﻴﺾ ﺣﺒﻚ ﻭﻟﻄﻔﻚ ﺍﻟﻐﺎﻣﺮ ﻭﺍﻟﻤﻤﺘﺪ
ﻋﺒﺮ ﻗﻠﻮﺏ ﻭﺃﻳﺎﺩﻱ ﺍﻟﺒﺸﺮ "
ﻓﻼ ﺗﺒﺨﻠﻮﺍ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺗﺬﻛﺮﻭﺍ ﺃﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﺗﺪﻳﻨﻮﺍ ﺗﺪﺍﻧﻮﺍ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺩﻳﻦ ﻭﻭﻓﺎﺀ .. ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ .. ﻓﻔﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ . ﻭﺍﻋﻠﻤﻮﺍ ﺟﻴﺪﺍ ﺍﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻐﺎﻓﻞ ﻋﻤﺎ ﺗﻔﻌﻠﻮﻥ .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل تجب مضمضة الفم لو اكلت قبل الصلاة... الإفتاء تجيب

بقلم الشاعر @ رمضان شحاتة @ (( قصيدة يتيم قريش الذي ساد ))

✍ بحبك يارب 💚