كيفية النصح

الحدة في توجيه أي نصح منتهي الضعف، ليست أبدا بقوة
الغضب وقول السوء أسهل الطرق،أما كظم الغضب فهو جهاد عظيم
التسامح والمغفرة وإعطاء فرص لا متناهية من الرجوع والتوبة،هذا تعامل الله مع عباده وهو خالق عظيم،
فليتنا نعرف كيف نكون عبادا ربانيين،نتحلي بجزء من صفات الله،
الله يغفر الذنوب جميعا عدا الشرك به،ولكن إن قابله الإنسان وهو علي هذا الشرك،ولكن وهو مازال في الدنيا،فمازالت فرصة إيمانه وعودته إلي صوابه موجودة.
لو كان مقصدك بالفعل هو الهدي والصلاح والتغيير لغيرك ممن تراهم علي ضلال،فيجب أن يكون ذلك بدافع الحب لبنوا جنسك من البشر،لا بدافع الكره أو الندية أو المشاحنة،بهدف حقا أنك تريد أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة كل إنسان،فراجع نفسك إن صفوت وصلحت نواياك وكان نصحك بدافع الحب..فقط الحب،فلن تغضب أبدا من أحد أو تلجأ لقذفه ببذيئ القول،بل ستحاول النصح مرارا بقلب رحيم،
دعنا نسأل أنفسنا بعض الأسئلة....
هل يوجد إنسان كامل بلا عيوب وأخطاء وآثام ؟؟
_ لا بالتأكيد ..فالخطأ صفة بشرية .
هل هناك أحد سيشارك أحد حسابه،وعليه يكون موكل بالسعي لإصلاحه بكل الطرق حتي وإن كانت عنيفة لينجي من حمل وزره ؟
_مؤكد لا "كل آتيه يوم القيامة فردا"
هل فضلك الله أو وكلك برسالة خاصة للأمر بالمعروف والنصح والإرشاد وإستثناك بها عن عموم البشر،أم انك من ضمن كل البشر موكلين بالنصح بعضهم البعض؟
_بالطبع أيضا لا،شأنك شأن كل البشر .

إذن بما إننا متفقين أنك لديك عيوب أنت الآخر،ووارد أن تهلك في الآخرة لست معصوم من العذاب،فهل تحتمل أنت ان ينصحك أحدهم بطريقة سيئة؟ هل ستتقبل منه ذلك؟هل ستستجيب لحديثه؟هل ستسمعه أصلا ؟ هل ستسمح له بإستخدام أي طريقة هجومية معك؟والأهم..هل ستراه إنسانا صالحا وحكيما وعلي خلق لتقبل منه نصيحة إن كان غضبه يسبق حكمته،وحدته تسبق رحمته ؟
هل فلحت معك من قبل توصيل أي رسالة أو نصيحة بالعنف والحدة،راجع تجاربك وأجب...هل إنصلح حال إنسان بالعصا والمشاحنة ؟
مؤكد لا،فالله جل وعلا ميز الإنسان وكرمه بالعقل؛لنعرف الله من خلال الفهم والتدبر في خلقه والتفكر في آياته،نعرفه ونعبده ليس قهرا أو كرها،بل حبا وإجلالا وإعترافا؛لذلك وصف الله عباده بوصف (عباد) لا (عبيد)
فراجع كل آيات القرآن تجده ذكرنا بلفظ (عباد الله) لا (عبيد الله )
فهل تعرف الفرق بين العبد والعابد ؟؟!
فأما العبد فهو مجبر  علي العبودية والخضوع دون تفكير،مكبل ومكره وكاره لتلك العبودية،
وأما العابد فهو حر الإرادة والاختيار،هو من عرف الله بعقله وإرتاح له قلبه،فأحبه ثم إختار حرا أن يعبده لأنه يستحق العبودية والربوبية .
نري الله عزوجل عندما أمر سيدنا موسي وهارون عليهما السلام بالذهاب لفرعون وهو الأشد طغيانا وعصيانا وتجبرا لقد كان يدعي انه هو نفسه إله.
ومع ذلك قال الله له"إذهبا إلي فرعون إنه طغي فقولا له قولا لينا" انه (طغي)ليس مجرد إنه أخطأ أوضل السبيل،ولم يقل له حتي أن يتحدثوا معه فقط،بل أمرهم بحديث لين .
وأما عن رسولنا الكريم فقد كان هينا لينا لأبعد الحدود،ولقد كان يبكي علي قبيلته حبا فيها ويريد أن ينجي بهم من عذاب الله،حتي قال له الله،انك لاتهدي من أحببت .
خلاصة القول،لقد رأينا كيفية تعامل الله جل وعلا للإنسان،وكيفية تعامل رسولنا الكريم كذلك في دعوته .
فماذا عن تعاملنا نحن كبشر لبعضنا البعض ونحن سواسية ولسنا معصومين أو منزهين .
وأخيرا " لاتزر وازرة وزر أخري "
فهل يعقل أن تحمل نفسك علي إثم أكبر بحجة إصلاح وغيرة علي دينك،أن تكون سببا في نفور أحد من نصيحة أو إنتكاسته وهو يحاول أن يصلح من نفسه،بحجة أنك غاضب من ضلاله أو حتي تراه مفسد في الأرض ؟!
قال الله تعالي لرسوله الموكل بتوصيل الرسالة للأجمعين "فذكر،إنما أنت مذكر،لست عليهم بمسيطر،إلا من تولي وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر،إنا إلينا إيابهم،ثم إن علينا حسابهم" صدق الله العظيم .
أي أنك لست عليهم بجبار أو متحكم أو مهيمن،فقط أنت مذكر .
وأما حسابهم فعلي الله وحده.

جاهدوا يا أحبائي أن تحافظوا علي لين القلب والرحمة حتي وان غضبتم .
فقد حرم علي النار كل هين لين سهل قريب من الناس.
فنحن جميعا مهما سعينا وصلحنا وأصلحنا،لن ننال رضا الله وجنته وعفوه إلا برحمته لا بأعمالنا،ومن لايرحم لايرحم .
وأجمل أنواع الرحمة أن ترحم البشر من بنوا جنسك ترحم ضعفهم وأهواءهم .
تشفق عليهم كما تشفق علي نفسك مهما فعلت من ذنوب .
تشفق وترحم..فتحاول وتحاول ولكن بالتي هي أحسن .
لا تغضب وتنفر؛فتبعد وتنبذ .

هالة فؤاد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل تجب مضمضة الفم لو اكلت قبل الصلاة... الإفتاء تجيب

بقلم الشاعر @ رمضان شحاتة @ (( قصيدة يتيم قريش الذي ساد ))

✍ بحبك يارب 💚