لماذا خلقنا الله. نقلها أ. محمد السيد

مسألة "لماذا خلقنا الله"
بسم الله الرحمن الرحيم،،
أولًا، لا يمكن أن يثبت إيمان عند المرء إلا إذا تشبع بالعقيدة، والعقيدة في حد ذاتها هي الفكر المعقود في الذهن و في القلب؛ فلا سبيل لفكه نتاج سؤال يعجزني أو لا يعجزني، فمثلًا إن ارتبت في أمر مثل "لماذا خلقنا الله"، ثم لم أتبين جوابًا شافيًا؛ فإني لا تهتز عقيدتي، إذ إنني أؤمن أنه عاجلًا أم آجلًا سأقتنع بجواب شافٍ مقنع، وهذه هي شريطة إيماني بالله، ألَّا تتحلل عقيدتي مهما استعصت الأمور، أو تفاقمت عقدتها، قال تعالى : "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا".
ثانيًا، الإجابة القاطعة على سؤال "لماذا خلقنا الله" تكمن في جوهر تعريف مصطلحات هي المفاتيح لرسوخ الإجابة وتدعيمها،، أول مصطلح هو الإيمان، الإيمان هو الاعتقاد الراسخ في قدرة ذات ما على فعل أمر ما، دونما أيَّة مُلابسات على قدرتها على إنفاذ الأمر، شريطة ألَّا تشهد عينك أو جوارحك على شروع تلك الذات في تنفيذ الأمر. إذ يتطلب الإيمان غياب بعض المعلومات. فمثلًا كان عموم أهل قريش يشهدون بصدق وأمانة رسول الله، ويشهدون له بالخلق الحسن، والخلقة النقية الوضاءة، فلما أن نزل عليه الوحي، آمن به المؤمنون خاصةً، رغم عدم رؤيتهم لجبريل ينزل بالوحي على رسول الله، وكفر به الكافرون رغم عرفانهم  بخلق الرسول، فاستدل المؤمنون على صدق نبوة الرسول بدلالات جانبية لا تقطع جزمًا أنما هو رسول، وكفر الكافرون رغم رجاحة نبوة رسول الله.
ثاني مصطلح هو اليقين، اليقين هو التصديق الحتمي المبني على الرؤية العينية الجازمة المحققة لقدرة ذات ما على إنفاذ أمر ما، شريطة أن تقع العين أو الجوارح على تلك الذات وهي تنفذ الأمر، فلا مجال لاستحالة قدرة الذات على إنفاذ الأمر. قال تعالى : "وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ". واليقين هنا هو الموت، أي اعبد ربك حتى يأتيك الموت، فينكشف عنك غطاءك؛ فترى الجن والملائكة، وكل ما ستره عنك غطاء العين، فيتحول إيمانك بالجن رغم عدم رؤيتك لهم أو إحساسك بهم، إلى يقين بعد رؤيتهم والإحساس بهم.
من هنا يتأتى الجواب القاطع، صحيح أن الله خلقنا لنعبده، فقال : "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"، لكن يطرأ سؤال أيضًا يقول "ولماذا أرادنا الله أن نعبده"، وحتى إن أجبنا على لماذا أرادنا الله أن نعبده؛ سيظهر سؤال آخر وهو "لماذا تلك الإجابة تحديدًا هي إجابة السؤال السابق"!، وهكذا، إلا أننا أغفلنا عن إرادة الله المطلقة أنما إن قضى أمرًا؛ فليكن الأمر، ومهما تعاظم علم البشر وتقصى؛ فإنه لن يَرِد بَوَاطن الذات الإلهية، أيخفى على الأنسان بَوَاطن نفوس خلق الله، ومن ثم يظهر على باطن ذات الله؟؟!!، إنما أخفى الله مراده لذلك؛ ليمتحن المؤمنين من الكافرين، فحدود علم البشرية مؤهلة لتفوق أسرار  أي شيئ في الكون؛ كونها مسخرة له ومذللة، إلا أنها تعجز على النفاذ لباطن الله، و من هنا من لم يؤمن بأن الله صائب في إرادته لخلقنا، فإن إيمانه ساقط ولا وجود له، والواجب على المؤمن الموحد إذا اختلط عليه سؤال مماثل لذلك السؤال أن يشحذ عقله للوصول، وحتى إن لم يصل، فلا بد من أن يوقن أن حجج الله قائمة ونافذة، إلا أن عقل المؤمن لم يبصرها بعد، فلا ضَيْر أن نعجز أحيانًا عن الوصول للجواب، ما دمنا مؤمنين بوجوده.
هذا والله أعلى وأعلم.

تعليقات

  1. حفظك الله وزادك من علمه وفضله ........ابنى وافتخر

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل تجب مضمضة الفم لو اكلت قبل الصلاة... الإفتاء تجيب

بقلم الشاعر @ رمضان شحاتة @ (( قصيدة يتيم قريش الذي ساد ))

✍ بحبك يارب 💚