قصة قصيرة : أحيانا لا يذوب السكر

 قصة قصيرة :  أحيانا لا يذوب السكر




متابعة: عزيزة مبروك


يسعدني أن اقدم لحضراتكم هذه القصة من كتاب قصص و حكايات ممتعة....... 

هذه المرة لم أشعر بمذاق حبيبات السكر الذائبة بفنجان قهوتي ربما من قام بإعداده تعمد تقديمه بلا نكهة حلوة لعل هذا الفاعل لم يكن يقصد إثارة ضيقي  لعله عجز عن اعداد القهوة وربما لم يتأمل قيمة السكر وسيمفونياته صاحبة المذاق المتفائل 


قلق :

تزاحمت الافتراضات ذات الوجاهة المنطقية برأسي إلى أن قاطع صوتها المؤمن حبل أفكاري المرتبكة قائلة : أتمنى أن تكون القهوة عجبتك  انتفضت عيناي في قلق وعلى وجه السرعة قمت بتعديل جلستي في تأدب لم تكن وضعية جلوسي تعني لها شيئاً فهي طيلة الوقت تعقد صفقة تعايش مع طبقاتي الصوتية دون الالتفات لغيرها .. فصوتي هو سفيري هناك بعالمها المظلم ..


تزاحم أفكار وصراع  :

هبطت عبارتها المتسائلة على نفسي كأمطار طال انتظارها على نيران حارقة والعجيب في نفسي كانت تحرقني بصراخها المدوي في داخلي صراخها الجاهل للغة الرحمة وأبجديات الرقي فكلما علا صوتها المتعجرف أنصت إليها  وكلما أنصت تألمت ..


لوم النفس :

فكيف تجرؤ تلك النفس الأمارة على أن تطالبني بلوم السيدة على ضياع مذاق حبيبات السكر من الفنجان وبأي منطق إنساني يتعالى دويها  عازمة على إحداث ضجة لإضافة بعض من السكر إلى قهوتي لكي تشعر بلذتها الوقتية  لست أرى أكثر من حديثها إلا برهاناً  على أنانيتها وضآلة حجمها ..


النفس اللوامة :

خيمت على روحي حالة من الأسى والرغبة العاجلة في التمرد على هذه النفس فهي تطالبني باللوم على من فقدت لذتها البصرية لسنوات طويلة دون أن تشعر بالقنوط أو السخط وإرهاقها معنويا لإفقادها لذة تذوق  تستغرق نصف ساعة أو أكثر أو أقل آنذاك شعرت بثورة شابة تهزني باحتراف فاستجمعت ما لدي من إحساس ونقاء وأخرجت نبرات باسمة قائلة : .. قهوتك رائعة .. أشكرك .


رد فعل السائلة :

لامس صوتي روحها فابتسمت بطهر وأخذت تسرد لي ما قاله الأطباء عن عينيها غير المبصرتين مرتدية بدلة الراوي الحكيم فبدت تتقاسم معي حكايتها بعدما سكنت دنيا الظلام على يد زوجها شارب الخمور الذي طالما أهانها بالضرب والتجريح بل وأنهى حياته معها بعد أن اغتال بصرها راحلاً لعالم المتعة الرخيصة الثمن ..


غفلة واستفاقة :

تركها سارق بصرها أماً كفيفة لطفلين لا يملكان شيئاً سوى نوايا كقطرات الندى الصابحة كلما حدثتني صوبت عينيها المظلمتين إلى كياني المادي وكأنها تراني حقاً  جعلتني أستشعر ضياءً قدسياً لا يمنحه الله إلا لمن أراد حتى وإن منح تأشيرة الرحيل والإبصار وعالمه 


أحياناً لا يذوب السكر :

واصلت انصاتي لحديثها الروحاني بلا هوادة إلى أن سقطت من عيني دمعة مالحة المذاق  عزمت على البقاء داخل الفنجان حينها فقط أيقنت سبب رحيل مذاق السكر من قهوتي .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل تجب مضمضة الفم لو اكلت قبل الصلاة... الإفتاء تجيب

بقلم الشاعر @ رمضان شحاتة @ (( قصيدة يتيم قريش الذي ساد ))

✍ بحبك يارب 💚